◄ تهدد المجتمع بالكامل.. والتصدى لها مسئولية الجميع لمنع انتشارها. خبر قصير استوقفنى طويلا وجعلنى

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب : «الظاهرة الملعونة» التنمر.. عادة سيئة ضد الإنسانية وترفضها كافة الأديان السماوية

خالد الطوخى - صورة أرشفية  الشورى
خالد الطوخى - صورة أرشفية


تهدد المجتمع بالكامل.. والتصدى لها مسئولية الجميع لمنع انتشارها.

خبر قصير استوقفنى طويلا وجعلنى أشعر بأن شيئًا ما فى العلاقات الاجتماعية بين الناس قد تغير وأن الجوانب الإنسانية فى خطر حقيقى خاصة مع تنامى هذه الظاهرة المسماة بـ"التنمر" التى تضخمت وصارت على هذا النحو المخيف.. فالخبر يقول إن النيابة العامة قد أمرت بحبس 3 أشخاص 4 أيام على ذمة التحقيق فى واقعة الفيديو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بشأن تنمر 3 من الصبية على عجوز «معاق ذهنيًا» وقيام أحدهم بإلقائه فى "الترعة" فقد وجهت إليهم النيابة تهمة الاعتداء على معاق.. خاصة أنه بعد أن تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض عليهم وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة.

هذا الحادث وإن كان فى نظر البعض مجرد حادث عارض إلا أنه يضع أيدينا على قضية فى منتهى الخطورة ربما تهدد تماسك المجتمع ككل وهى قضية التنمر التى لم يسلم منها أحد حيث من يتعرض للتنمر عادة هو الشخص الضعيف سواء كان كبيراً أو صغير السن فإذا عدنا إلى التعريف الخاص بالتنمر نجد أنه شكل من أشكال العنف والإساءة والإيذاء الذى يكون موجهًا من شخص أو مجموعة من الأشخاص إلى شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص الأقل قوة، سواء بدنيًا أو نفسيًا، حيث قد يكون عن طريق الاعتداء البدنى والتحرش الفِعلى وغيرها من الأساليب العنيفة، ويتبع الأشخاص الذين يمارسون التنمر سياسة التخويف والترهيب، والتهديد وقد يمارس التنمر فى أكثر من مكان فى مختلف مجالات الحياة.

 وتشير الدراسات المتعلقة بقضية التنمر إلى أنه يتم تقسيمه إلى عدة أنواع منها:

التنمر اللفظى: مثل التفوه بألفاظ مهينة للشخص الآخر أو مناداته بأسماء يكرهها وتشعره بالإهانة وفى الغالب أسماء لا يحبذها ولا يحبها خاصة أن المقصود بها عادة يكون السخرية منه والتقليل من شأنه والاستهانة به واحتقاره.

أما النوع الثانى فهو يتمثل فى "التنمر الجسدى" وهو المقصود به إيذاء الشخص عن طريق ضربه وإهانته، وإيذائه فى جسده ودفعه بقوة.

بينما النوع الثالث فهو "التنمر الاجتماعى" وهو إيذاء الشخص معنويًا، مثل تركه وحيدًا، والحض على الابتعاد عنه وترك صحبته، وإخبار الآخرين  بعدم مصادقته، أو التعرف إليه أو التعامل معه بأى شكل من الأشكال.

فى حين نجد أن النوع الرابع يتمثل فى "التنمر فى العلاقة الشخصية والعاطفيّة" وهو إيذاء الشخص بنشر  الأكاذيب عنه وإطلاق الشائعات التى تسيء إليه وإبعاده، والصد عنه.

وحينما نصل إلى النوع الأخير من أنواع التنمر نجده يتمثل فى "التنمر الإلكترونى" وهو الذى يتم عن طريق استخدام تكنولوجيا المعلومات ووسائل وتقنيات الاتصالات الحديثة مثل الرسائل النصية والمدونات والألعاب على الإنترنت عن طريق تنفيذ تصرف عدائى يكون الهدف منه إيذاء الآخرين.

ونظراً لخطورة تفشى ظاهرة التنمر فإنه قبل البحث عن علاج فعال لتلك الظاهرة علينا أولا البحث فى أسبابها  فحينما نضع أيدينا على المسببات لها فإنه يمكننا فى هذه الحالة الوصول إلى حلول عملية للقضاء عليها بشكل نهائى، فهناك العديد من الأسباب التى تكمن وراء ظاهرة التنمر أهمها إصابة الإنسان المتنمر بإضطرابات فى شخصيته.

فالمعروف أن الشخص المضطرب نفسياً يتحول إلى خطر حقيقى على نفسه وعلى الآخرين أيضًا مما يجعله يتصرف تلك التصرفات الحمقاء التى تجسد التنمر فى أسوأ صوره ومعانيه كما أن من أسباب الإقدام على التنمر هو إصابة الإنسان المتنمر بالاكتئاب.

فالشعور بالاكتئاب من أخطر الأمراض التى تحول الشخص السوى إلى شخص مختلف تمامًا فى تصرفاته الغريبة أما السبب الثالث وراء التنمر فهو شعور الإنسان المتنمر بالنقص والغيرة وأعتقد أن هذا السبب من الأسباب المحيرة فكما نعلم جيدًا أن الشعور بالنقص يدفع صاحبه إلى ارتكاب حماقات والقيام بتصرفات غريبة يحاول من خلالها تعويض ما يشعر به من نقص أما الغيرة فحينما تتملكه فإنها تتحول إلى جمرة نار تحرق كل شيء يقف فى وجهها وبالتالى تظهر علامات التنمر على هذا الشخص وهو ما يفرغه فى أول شخص ضعيف يقابله.

ويظهر التنمر فى العديد من الصور مثل "المضايقات" حيث يقوم الشخص المتنمر بمضايقة ضحيته سواء باللفظ أو الفعل ليس هذا فحسب بل يحاول بشتى الطرق خلق وابتكار أساليب متنوعة وأشكال مختلفة من المضايقات.

بينما الصورة الثانية للتنمر هى "القهر" حيث يقوم الشخص المتنمر بإجبار ضحيته على القيام بفعل أشياء غصبًا عنه والقيام بشتى الطرق بقهره وإذلاله وقتل معنوياته.

وهنا نجد الصورة الثالثة من صور التنمر وهى "التهديد" حيث يقوم الشخص المتنمر بتهديد ضحيته وترويعه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

أما "العنصرية" فهى الصورة الرابعة للتنمر وهى من الصور البغيضة لتلك الظاهرة حيث نجد أن التمييز العنصرى سواء بسبب الدين أو العرق أو اللون أو الجنس هو من أهم صور التنمر الذى يمارس ضد الأشخاص والذى يقابله حالة استنكار ورفض عام فى جميع المجتمعات لأن العنصرية ترفضها كافة الأديان السماوية بل تتعارض أيضاً مع مبادئ حقوق الإنسان.

ومما سبق فإن التصدى لظاهرة التنمر يعد مسألة مجتمعية فى غاية الأهمية نظراً لخطورة الآثار الناتجة عن هذه الظاهرة السيئة حيث ينتج عن ظاهرة التنمر عدد من الآثار السلبية التى تؤثر على الضحية سواء على المدى القريب أو البعيد ومن بين هذه الآثار نجد إصابة الضحية باضطرابات نفسية كما يؤثر التنمر على الضحية ويولّد لديه الإحساس بالخوف والذعر مع إصابة الضحية بالعدوانية التى توجهه مع مرور الوقت إلى القيام بالعنف كما يقود التنمر ضحيته إلى الشعور بالانطواء والعزلة والانسحاب من أى نشاط مجتمعى ليس هذا فحسب بل يقود ضحيته إلى التفكير والاتجاه نحو الانتحار.

وهنا يتبادر إلى الذهن التساؤل المهم وهو كيفية القضاء على التنمر وبالطبع فإننا حتى نتمكن من القضاء على ظاهرة التنمر يجب علينا أن نتكاتف جميعًا والوقوف فى مواجهة هذه الآفة المقيتة وذلك باتباع عدة خطوات أبرزها:

 التصدى له عند حدوثه وعدم ترك الضحية بمفرده.

عمل برامج توعية عن خطورة هذه الظاهرة وأثرها السلبى على الفرد والمجتمع.

القيام بتفعيل دور المدرسة فى التصدى للتنمر وتوعية أبنائنا وتعليمهم كيفية مواجهة هذه الظاهرة، خاصة أنهم الأكثر عرضة لها.

 ضرورة إبلاغ الجهات الأمنية عند وقوع حادث تنمر مع المبادرة بدعم الضحية والعمل على رفع معنوياته حتى يتخلص بشكل سريع من أية آثار سلبية قد تنجم عن تعرضه للتنمر مع تنوع صوره واختلاف أشكاله.