لم تعد مواقع التواصل الاجتماعى مجرد أداة للترفيه وتحقيق التواصل بين الأفراد بل ظهر لها وجه آخر قبيح حيث تحولت

الأرض,مصر,مواقع التواصل,فيس بوك,الإعلام,تويتر,تنقل

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
السيد خيرالله يكتب: الشائعات حرب بلا جيش.. كيف تواجه الدولة المصرية أحد أهم أدوات الجيل الرابع للحروب؟

السيد خيرالله يكتب: الشائعات حرب بلا جيش.. كيف تواجه الدولة المصرية أحد أهم أدوات الجيل الرابع للحروب؟

لم تعد مواقع التواصل الاجتماعى مجرد أداة للترفيه وتحقيق التواصل بين الأفراد بل ظهر لها وجه آخر قبيح حيث تحولت هذه الوسائل إلى ساحة خلفية لممارسة نوع جديد من الحروب، هى بالأساس حروب أفكار عملت على اغتصاب العقل الذى كان ميزة الإنسان الأصلية، ووجهته فى الاتجاه الذى يروق لصاحب هذا التوجيه وأصبحت السوشيال ميديا أقوى أسلحة تقويض المجتمعات وأمن مواطنيها الاجتماعى والنفسى وطرحت عدة إشكاليات رئيسية منها الأمنية المتعلقة باستخدام المنظمات الإجرامية والجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعى كوسيلة لتهديد الأمن الدولى ومنها السياسية المتعلقة بضمان حق الأفراد فى تحقيق التواصل الآمن بينهم دون اختراق لخصوصيتهم أو تهديد لحريتهم فى إبداء الرأى والتعبير ومنها الثقافية التى تتعلق بالحفاظ على الهوية والقيم والمعتقدات التقليدية فى عالم مفتوح الثقافات ولا يعترف بحدود جغرافية وما بين الثرثرة والهمس والنكات والدعاية والقذف والتأويلات والتنبؤ بالأحداث المقبلة واغتيال الشخصية المنشورة على هذه الوسائل، "وَقَفَتْ حالنا الإشاعات وخربت بيتنا الإشاعات"، وكما يقال بالمثل الشعبى أيضا: "بين حانا ومانا ضاعت لحانا".

إذا كانت الحروب تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبنائه، فإن هناك حربًا مُسْتَترة أشد ضراوة وأقوى فتكًا تستهدف الإنسان من حيث عمقه وعطائه وقيمه ونمائه إنها حرب الشائعات على السوشيال ميديا وهى ما يطلق عليها "حرب الجيل الرابع"، التى تعتبر فى العصر الحديث من أهم الوسائل التى تستخدمها الدول والمجموعات وحتى الأفراد لتحقيق أهدافها قصيرة الأمد وبعيدة الأمد، فالشائعات تعتبر من أدوات حروب الجيل الرابع وتستهدف عقول الشباب وقلب الوطن. فما هى حروب الجيل الرابع؟.. تقنيات أسلحتها الشائعات والفتن والأخبار المضللة وهى تدمير للدول بدعوى الحرية والشائعات والإعلام من خلال ترك عدوك يحارب نفسه بنفسه باستخدام الطابور الخامس وهى حرب الخونة والجواسيس وتتم باستثمار الصراعات الفكرية والدينية والقبلية والمناطقية وتأجيجها، وقال المفكر الفرنسى روجيه جارودى عن الجيل الرابع من الحروب: "الآن يقاتل الغرب بالتكلفة الصفرية فالعدو يقتل نفسه والعدو يدفع ثمن السلاح والعدو يطلبنا للتدخل فلا نقبل".

ومن أبرز مرتكزات حروب الجيل الرابع: إنها ليست بالأسلحة والجيوش وليست حربًا تصادمية، إن أهم ما فيها الدخول فى الحرب دون خسارة بالأموال والأنفس، هدفها إسقاط الدولة بأعمدتها الخمسة (الحكومة، الأمن العام، الجيش، المخابرات، القضاء)، إن هدم أركان الدولة الأساسية والعبث بمكوناتها باسم حرية التعبير ودعوى عدم تكميم الأفواه هو من الأولويات الرئيسية التى تعتمد عليها حروب الجيل الرابع لتدمير المجتمعات حيث تعتمد هذه الحروب على هدم رموز الدولة (الحكومة، الأمن العام، الجيش، المخابرات، القضاء) وإحداث فجوة بين الشعب وسلطاته الحاكمة حتى لا تكون هناك دولة، وتدميرها من خلال إحداث ما يسمى بـ"فوضى الشارع"، وأجزم بأن حروب الجيل الرابع حاولت النجاح فى مصر من خلال ترويج الفكرة التى تتعالى بسرعة وبدأنا نسمعها فى مجالسنا ونرددها والقائلة: إن المجتمع أصبح كله فاسدا ويجب هدمه بأكمله وإعادة بنائه، متناسين أنه إذا ما هدم المجتمع بأيدينا فإنه من المستحيل إعادة بنائه والشواهد على ذلك من حولنا كثيرة، وأدى ذلك إلى تدمير الانتماء للوطن وتحويل المواطن إلى ساخط وناقم على بلده وتعالت عبارة "هاجر يا قتيبة" وأصيب جيل الشباب بالإحباط والملل وفقدان الأمل والرغبة فى كل شيء.

تستخدم حروب الجيل الرابع والرابع المتقدم فن الشائعات ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعى حيث تفقد العقل القدرة على اتخاذ القرار لأنها تكون مدروسة بعناية فائقة حيث تبنى الشائعة على بذرة من الحقيقة يسهل التحقق منها ومن ثم يبنى عليها جبال من الأكاذيب الهدف منها إحداث بلبلة أو فوضى لتحقيق أهداف فى غالبها تكون هدامة لأنها تلعب على وتر تطلع الشعوب لمعرفة الأخبار فى محاولة لإحداث التأثير المستهدف لمروجيها خاصة فى أوقات الأزمات، وما إن تصلنا هذه الأخبار نبدأ بالترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعى على أنها حقيقة مطلقة بسبب سيكولوجيتها التى وضع لها العالمان ألبورت وبوستمان قانونًا أساسيًا فى شكل معادلة جبرية ووصلا إلى أنه من الممكن وضع معادلة عن شدة الشائعة على النحو التالى:

-    شدة الشائعة.. (الأهمية - الغموض)، فكلما ارتفع منصب الشخصية أو كان الخبر الشائعة متعلقًا بمسألة عامة كان انتشاره أسرع ونطاقه أشمل وكلما كانت الإشاعة أبسط لغة وفهمًا كلما زادت سرعة انتشارها إضافة إلى أنه كلما كان الخبر المشاع غامضًا وقابلًا للتأويل والتفسير زادت سرعة انتشاره. يقول الصحفى الأمريكى بوب ودورد الملقب بمفجر فضيحة ووترجيت: "هناك أناس يأخذون الشائعات ويزينونها بطريقة يمكن أن تكون مدمرة ويجب القضاء على هذا التلوث من قبل الناس فى أعمالنا بأفضل ما يمكننا". ويقول الروائى الأمريكى مارك فروست: "الإنترنت هو المكان الأسرع والأكثر تداول للشائعات غير الحقيقية". وتعتبر السوشيال ميديا الأرض الخصبة لإنبات الإشاعات وترويجها كون هوس الشير على السوشيال ميديا سيطر على عقول الكثيرين، فقد أصبح هناك تنافس من أجل حيازة أكبر عدد من اللايكات أو التعليقات دون مراعاة التوابع التى قد تقع على المجتمع والشخص نفسه، الأمر الذى أدى إلى نقل الإشاعة إلى جميع فئات الشعب بدون مصدر موثوق يحمل الأدلة على صحتها، مما سبب إثارة البلبلة والفوضى، وإحداث التأثير السلبى على الروح المعنوية لجميع فئات المجتمع، وأدى ذلك إلى حالة من الانتقاد الدائم لكل ما حولنا وخاصة أداء الحكومات، وللأسف نحن ننتقد فقط دون عمل وتفرغنا للتنظير دون العمل على تغيير ما لا يعجبنا وهذا مؤشر سلبى على أن نسبة كبيرة من أبناء الشعب افتقدوا الشعور بالانتماء ومن هنا تبدأ أعراض الإحباط وهى القلق والغضب واللامبالاة والتى تعد العرض الأخطر لكونها المسؤولة عن ضعف الروح المعنوية ومن ثم الاكتئاب.. كل ذلك يعززه فكرة الشائعات وحملات الهمس التى نشهدها يوميًا على السوشيال ميديا وتدار من خلال قوى خفية لها أجندات وأهداف خاصة. قال المؤرخ والكاتب الأسكتلندى توماسكارليل: "إن أوهامنا تتفاعل مع احتياجاتنا وآمالنا وينتج عن هذا التفاعل ظروف خصبة تعيش فيها الشائعات التى تنتشر الآن بسرعة أكبر من ذى قبل بواسطة الراديو والتلفزيون ووسائل الإعلام المتطورة فحينما يتم الإبلاغ عن مشاهدة صحن طائر مجهول الهوية فى مكان ما من البلاد نجد آن ذلك ينتج سلسلة من البلاغات عن مشاهدات مماثلة فى أنحاء أخرى". الأجيال الجديدة من الحروب هى حروب يتم فيها احتلال عقلك لا احتلال أرضك، وبعد أن يتم احتلالك ستتكفل أنت بالباقى ستجد نفسك فى ميدان معركة لا تعرف فيها خصمك الحقيقى، إنها حرب ستطلق فيها النار فى كل اتجاه، لكن يصعب عليك أن تصيب عدوك الحقيقى وبالأحرى هى حرب من يخوضها يكون قد اتخذ قرارا بقتل كل شيء يحبه، إنها حرب تستخدمك أنت فى قتل ذاتك وروحك وفى النهاية ستجد نفسك كنت تحارب بالوكالة لصالح رجل جالس فى مكان آخر اختار أن يخرج مشهدا سينمائيا جديدا لفنون الانتحار الجماعى، حرب المنتصر فيها لم يدخلها ولم ينزل الميدان. إن حرب الشائعات "حرب الجيل الرابع"  التى نتعرض لها بمصر الآن هى من أخطر الحروب، لأنها تستهدف عقول الشباب وقلب الوطن ومعظمها ينطلق من مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" وغيرها، لأن كل شخص يكتب ما يريد وهناك الأقلام المأجورة لأصحاب الأجندات الخاصة التى تنقل الشائعات من خلال تلك المواقع وتسرى بيننا كما تسرى النار فى الهشيم. السؤال هنا.. ما هو الحل لمواجهة حروب الجيل الرابع والحد أو التقليل من مثل هذه الإشاعات الإلكترونية وتأثيرها علينا وعلى الأجيال القادمة؟ فقد واجهت ومازالت الدولة المصرية تواجه هذه الحرب بشتى الطرق فى محاولة لتفتيت مخطط حلفاء الشيطان من المتآمرين أعداء الحياة والوطن وحتما ستتحطم تلك المخططات بإرادة ووعى المصريين الذين يقدرون حجم التحديات التى تواجه الدولة فى كافة المجالات.

حفظ الله مصر من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.