أتعجب عندما أجد أناسا ما زالوا لا يفون بعهودهم بل ويقولون ما لا يفعلون ويأكلون حقوق الناس ويعتبرون ما يقومون

القرآن الكريم

الأربعاء 17 أبريل 2024 - 01:13
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: أوفوا العهود

حسام فوزى جبر يكتب: أوفوا العهود

أتعجب عندما أجد أناسا ما زالوا لا يفون بعهودهم بل ويقولون ما لا يفعلون، ويأكلون حقوق الناس ويعتبرون ما يقومون به فهلوة أو شطارة وينكرون ما وعدوا به رغم أنهم بهذه الطرق الملتوية قد يحرزون بطولات فى ظلم أنفسهم قبل ظلم الناس واضعين الدنيا نصب أعينهم مُتناسين الآخرة والحساب وتوعد الله لمن لا يفون بعهودهم، ولو رجعوا قليلًا لما وعد الله -وهو خير الموفين بعهده سبحانه- لمن لا يفى بوعده لسارعوا لتنفيذ وعودهم فورًا أو امتنعوا عن الوعد من البداية مخافة من عقابه سبحانه وتعالى فى الآخرة وخزيه لهم فى الدنيا عندما يُصفون بمن ضيعوا العهد وبمن لا عهد ولا وعد لهم فأى خسارة يحصدونها فى دنياهم وآخرتهم؟!

والوفاء بالعهد من الصفات التى إذا التزم بها الإنسان صار المجتمع آمنًا فى كل شيء فالإيمان بالله وعدم الشرك به، هو العهد الذى اتخذه الله من العباد وهم فى بطون أمهاتهم، وهذا هو أفضل وأجل العهود التى يجب الوفاء بها، كما أن الوفاء من شيم الكرام، وهى مقولة قديمة تُبين قيمة الوفاء بالعهد، كما أن الإنسان الكريم هو من يستطيع الوفاء بالعهد، والإنسان الذى يوفى بعهد هو إنسان صالح محبوب بين الناس، مؤتمن على الأموال والأعراض والأنفس، كما أن الوفاء هو وصية الرسول الكريم، حيث أمر الرسول بالوفاء بالعهد، بل ووصف من يخلف وعده بأنه من المنافقين، بقوله " آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان"، وهذا دليل على قيمة العهد والوفاء به بل وقبح من يخلفون عهودهم،  بل وهناك حديث شريف للنبى الكريم أجده مرعبًا إذا ما خالف ونكر  الإنسان وعده، حين قال " ولا دين لمن لا عهد له " أى سلب منه الدين، والوفاء بالعهود هو الالتزام بالاتفاقيات والوعود التى تمت بين فردين أو مجموعة من الناس، للقيام بأعمال فى المستقبل القريب أو البعيد وربما يكون اتفاقا شفهيا أو كتابيا وهو  قطع بعض الوعود على النفس بالقيام بشيء ما تم الاتفاق عليه، ولا يمكن العودة فيه أبدًا إلا حال العجز عن الوفاء لأسباب خارجة عن الإرادة ووقتها الاعتذار واجب أما عدم الوفاء رغم القدرة  فهو تنصل وإنكار للعهد والعياذ بالله، ووردت آيات عديدة فى كتاب الله تحثُّ على الوفاء بالعهد والوعد، منها قوله سبحانه وتعالى: "وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً".

وللوفاء بالعهد صور وأشكال كثيرة يستطيع الإنسان أن يوفى بعهده خلالها وأبرزها وأهمها وأسماها الوفاء بين الإنسان وربه، وهو الالتزام بالعهد مع الله عز وجل، وذلك من خلال الإخلاص لله وحده، وعدم الإشراك به سبحانه وتعالى والالتزام بما عاهد الله عليه من طاعته والإيمان به، وأن يفرد العبودية لله وحده، والعمل على تنفيذ كل أوامر الله فى الكتب السماوية أو على لسان أنبيائه ورسله، وكذلك الوفاء بالميثاق من صور الوفاء بالعهد هو الوفاء والالتزام بالمواثيق والعهود بين الناس، وذلك على ألا يكون بهذا الميثاق مخالفة لله ورسله، وأغلظ هذه المواثيق التى يتوجب على الإنسان أن يلتزم به الإنسان هو ميثاق الزواج، والشروط التى تم الاتفاق عليها، حيث يعرف حسب وصف القرآن الكريم بأنه الميثاق الغليظ، فيقول الله تعالى" وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا"، فالوعد  والعهد الذى قطعه الإنسان على نفسه تجاه أحد الأشخاص، يجب عليه أن يوفى به طاعة لله ورحمة بنفسه من خزى فى الدنيا وعذاب فى الآخرة، ولعل أصعب اختبار للإنسان هو الوفاء بالنذر -والنذر هو قيام الإنسان بالتعهد بينه وبين نفسه بالقيام بشيء ما إذا ما تحقق له ما يريد ويكون من خلال الذبح أو إنفاق بعض المال على الفقراء أو الصيام- وهذا العهد لا يعرفه إلا الله والإنسان نفسه، لذلك فلن يجد الإنسان من يذكره سوى ضميره وعليه الوفاء فلا رقيب إلا الله، وقد حذر تبارك وتعالى مَن لم يؤدِ النذر حين قال " وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ  "، نعم وصف الله منكرى النذر بالظالمين والعياذ بالله، ولذلك  أداء النذر هو أصعب اختبار يعقده الإنسان لنفسه.

عزيزى القارئ الكريم الوفاء بالعهد شرفٌ يحمله الإنسان على عاتقه وهو قيمة إنسانية وأخلاقية عظمى، بها تُدعم الثقة بين الأفراد، وتؤكد أواصر التعاون فى المجتمع، وهو أصل الصدق وعنوان الاستقامة، الوفاء بالعهد خصلة من خصال الأوفياء الصالحين، ومنقبة من مناقب المخلصين، وهو أدب ربانى حميد، وخلق نبوى كريم، وسلوك دينى نبيل، وشعبة من شعب الإيمان وخصاله الحميدة، ومن أهم خصال المتقين والراغبين فى فضل رب العالمين، فمن أبرم عقدًا وجب أن يحترمه، ومن أعطى عهدًا وجب أن يلتزمه، لأنه أساس كرامة الإنسان فى دنياه، وسعادته فى آخرته، فالوفاء صفة أساسية فى بناء المجتمع، وقاعدة تقوم عليها حياة الفرد وبناء المجتمع فإذا فُقد الوفاء فُقدت الاستقامة والثقة وضعفت الأواصر وتهاوت العلاقات، فـأوفوا العهود.