- ماذا يحدث فى احتفالية طريق الكباش.. ولماذا أشرف الرئيس على كل تفاصيل الحدث العالمى بنفسه- من المسئول عن

الداخلية,كيف تبنى مصر قواعد المجد من جديد؟,محمود الشويخ يكتب,سيناء,العالم,النباتات,الكرنك,السياحة,الزراعة,عصر المعجزات الكبرى,حياة كريمة,مصر,الأقصر,نهر النيل,الخارجية,محمود الشويخ

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: " عصر المعجزات الكبرى " كيف تبنى مصر قواعد المجد من جديد؟

محمود الشويح - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويح - صورة أرشفية

- ماذا يحدث فى احتفالية "طريق الكباش"؟.. ولماذا أشرف الرئيس على كل تفاصيل الحدث العالمى بنفسه؟

- من المسئول عن تتفيذ الحفل الكبير بأحدث الوسائل العالمية؟.. وأسرار خطة العنانى ووزيرى للنجاح المؤكد.

- من موكب المومياوات الملكية إلى ساحات الأقصر.. الدولة المصرية تتحدى نفسها وتبهر العالم أجمع.

أكتب هذه الكلمات قبل ساعات من حدث كبير.. حدث ينتظره المصريون.. ويترقبه العالم.. وأتطلع أنا، بشكل شخصى، لكل تفاصيله، وإن حرمنى مرضى، مؤخرا، من حضوره على أرض الواقع كما اعتدت فى الأحداث الكبرى؛ فمن رأى على أرض الواقع ليس كما شاهد على الشاشات.

أما حديثى فعن حفل افتتاح طريق «المواكب الكبرى» الأثرى المعروف باسم «الكباش»، بحضور عدد من الشخصيات المهمة على المستويين العربى والعالمى.

والحقيقة أننى، وبرغم ما أمر به من تعب مؤلم، لا أراكم الله، حرصت على متابعة استعدادات الحفل بشكل كامل.. وكان السؤال الذى يشغلنى: هل يكون الحفل موازيا لأناقة وعظمة حفل نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة؟

لكن ما يحدث على أرض الواقع يؤكد أننا أمام دولة قررت أن تتحدى نفسها؛ فبعد أن أبهرت العالم بحفل المومياوات الملكية.. ها هى تعيد التحدى من جديد.

ولمَ لا ونحن تحت قيادة قائد لا يعرف إلا النجاح.. ومن هنا لم يكن غريبا أن يوجه بأن تمثل احتفالية افتتاح "طريق الكباش" استمراراً لنهج الفعاليات المصرية العالمية التى تنظمها الدولة للترويج لقوة مصر الناعمة وحضارتها العريقة، وأبرزها موكب المومياوات الملكية، وعلى نحو يعكس دولياً ثراء محافظة الأقصر كمقصد سياحى عالمى متكامل الجوانب.

وما يبعث على التفاؤل هنا أن الشركة التى تولت تنفيذ حفل المومياوات هى ذات الشركة المسئولة عن حفل طريق الكباش.

ولقد توقفت أمام دراسة مهمة للدكتور عبد الرحيم ريحان، الباحث والخبير الأثرى، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، حول حفل الكباش.

قيمة هذه الدراسة أنها رصدت مراحل التطوير الشاملة بالأقصر لاستقبال الحدث العالمى وتمثلت فى تطوير ساحتى معبد الكرنك الخارجية والداخلية والطرق المؤدية إلى المعبد وإنشاء بوابة رئيسية لمعبد الكرنك تحتوى على مدخل ومخرج للحافلات السياحية وأماكن تمركز لأفراد الأمن والحراسة وعمل البرجولات الخشبية أمام البازارات السياحية بشكل يليق بمكانة المعبد ليصل عددها نحو 80 برجولة، إلى جانب تغيير جميع الأرضيات المتهالكة بالساحة الخارجية للمعبد بعمل أرضيات من الخرسانة المطبوعة بالأشكال الحجرية مطعمة بشرائح البازلت الأسود.

هذا إلى جانب تغيير أرصفة ساحة معبد الكرنك وتزيينها ببلاط الإنترلوك وإعادة زراعة وتأهيل أحواض الزراعة وإضافة الزراعات والأشجار المزهرة بساحة المعبد الداخلية المؤدية إلى بهو المعبد بشكل جمالى يليق بمكانته، مع زراعة أشجار نخيل حول سور الساحة الخارجية لمعبد الكرنك، علاوة على أعمال تهذيب الأشجار والنخيل الموجود داخل ساحات المعبد الداخلية والخارجية كما تم الانتهاء من إنشاء ثلاثة ميادين أحدها أمام بوابة مطار الأقصر الدولى وآخر أمام نافورة المطار وثالث هو ميدان الشيخ موسى.

كما رصدت الدراسة ما قام به المهندس أسعد مصطفى، منسق "حياة كريمة" التابع لجهاز تعمير البحر الأحمر، مدير مشروع تطوير محافظة الأقصر بالتعاون مع إدارة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وإدارات المحافظة كاملة، من إنشاء كورنيش النيل بطول 1.7 كيلو متر وإنارة جبل البر الغربى ليتماشى مع أعمال التطوير التى تمت بكورنيش النيل العلوى والسفلى وتطوير أربعة ميادين رئيسية وتطوير ساحة سيدى أبى الحجاج الأقصرى وتطوير شارع السوق السياحى.

وطريق الكباش هو الطريق الذى يربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك وكان يبدأ من الشاطئ شارع فسيح تحف به تماثيل لأبى الهول، نجدها فى معابد الكرنك مُثلت على شكل أبى الهول برأس كبش والذى يرمز للإله آمون، وقد أطلق المصرى القديم على هذا الطريق اسم «وات نثر WAt-nTr» بمعنى طريق الإله، أما طريق الكباش فى معابد الكرنك فقد عُرف باسم «تا ـ ميت ـ رهنت» وترجمتها طريق الكباش أيضًا، ويوجد على طول الطريق البالغ 2.7 كم 1200 تمثال، وعرض هذا الطريق 76م وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملى ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه وثناءً عليه مقامة على قاعدة من الحجر مكونة من أربعة مداميك من الحجر.

والطريق عبارة عن ممشى من الحجر الرملى على جانبيه تماثيل على هيئة أبى الهول فمن الصرح العاشر بالكرنك إلى «معبد موت» يأخذ شكل جسم أسد ورأس الكبش، والجزء الأمامى من معبد خنسو يأخذ شكل الكبش الكامل، أمّا الجزء الممتد من معبد موت إلى معبد الأقصر فيأخذ شكل جسم أسد برأس إنسان وهو الجزء الأكبر من الطريق.

ولفت الدكتور ريحان إلى أن الملك توت عنخ آمون كان له دور محورى فى تغيير رؤوس تماثيل أبى الهول من الشكل الآدمى إلى شكل الكبش وذلك تقربًا للمعبود آمون وهو يعد أقدم ملك عثر على اسمه محفورًا على قواعد التماثيل الخاصة بطريق الكباش خلافًا لما قام به سلفه من الملوك.

ويبلغ وزن كل كبش من خمسة إلى سبعة أطنان ويمثل الإله آمون رع ورمزه الكبش فى مصر القديمة وكان رمز القوة والإخصاب عند المصريين القدماء.

وقد أطلق على الطريق اسم "طريق الكباش" نسبة إلى تماثيل أبى الهول ذات رؤوس الكباش أحد رموز المعبود آمون المتراصة على جانبيه فيما بين معبد الكرنك ومعبد موت وأطلق عليه طريق أبى الهول نسبة إلى تماثيل أبى الهول المتراصة على جانبيه بين معبد موت ومعبد الأقصر وأطلق عليه طريق المواكب الكبرى نسبة إلى الغرض الفعلى الذى من أجله أنشئ الطريق، حيث استخدمه ملوك مصر القديمة كطريق مقدس للمواكب الدينية كما فى عيد الأوبت وهى التسمية الأكثر دقة فى رأى الدكتور مصطفى الصغير، مدير معبد الكرنك، من حيث شمولية هذا الاسم على الطريق من بدايته إلى نهايته بعكس التسميتين السابقتين اللتين اختصتا بأجزاء بعينها من الطريق دون الأخرى.

وقد ساهم ملوك مصر القديمة فى طريق المواكب الكبرى بالبناء أو الترميم ومنهم حتشبسوت، توت عنخ آمون، آى، حور محب، مرنبتاح، سيتى الثانى، رمسيس الثالث، نختنبو الأول، حيث أشارت حتشبسوت إلى قيامها ببناء ست مقاصير لاستراحة الزورق المقدس لآمون على جانبى طريق المواكب وسجلت ذلك على جدران مقصورتها الحمراء بالكرنك، كما سجل كل من مرنبتاح وسيتى الثانى ورمسيس الثالث أسماءهم على قواعد التماثيل فى مواضع مختلفة بينما قام كبير كهنة آمون «حريحور» الذى تم تنصيبه ملكًا بعد ذلك بعمل ترميمات للتماثيل وسجل ذلك بنص على مقدمة قواعد التماثيل كما قام الملك نختنبو الأول ببناء الطريق فيما بين معبد موت ومعبد الأقصر.

وذكرت الدراسة أن طريق الكباش الحالى ينتهى عند البيلون الأول وهو أضخم بيلون فى مصر كلها وأسهم فى بنائه عدد كبير من الملوك، والطريق فى شكله الحالى وما يحف به من كباش يرجع إلى عصر رمسيس الثانى ويبلغ عدد الكباش فى كل صف من الطريق فى الجزء الخارجى الذى يمتد من المرسى حتى الصرح الأول 20 كبشًا، والجزء الداخلى عدد 13 فى الناحية الجنوبية و19 كبشًا فى الجهة الشمالية ولا يزال طريق الكباش يحتفظ بجماله.

وقد رصد الباحث مجهودات وزير السياحة والآثار الدكتور خالد عنانى والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيرى وفريق العمل من آثاريين ومرممين ومهندسين ومصورين فى أعمال الترميم والتطوير التى مهدت لهذا الافتتاح العالمى، وقد بدأت أعمال الترميم والتطوير منذ نوفمبر 2019.

وقال إنه تم ترميم 19 كبشًا من الكباش داخل فناء معابد الكرنك فى الجهة الشمالية والذى أعاد الحياة فى الجهتين الشمالية والجنوبية بالفناء والبالغ عددها 48 كبشًا تم إنقاذها بالكامل.

كما تم مشروع قومى لإنقاذ 29 تمثالًا للكباش داخل معابد الكرنك، وذلك بعد نقل أربعة تماثيل كانت متواجدة خلف الصرح الأول بالمعبد لتزيين ميدان التحرير، وقد تبين أن باقى التماثيل تعانى من ضرر ودمار كبيرين نتيجة سوء نقلها وتخزينها فى تلك المنطقة من السبعينيات وقت افتتاح عروض الصوت والضوء وتقرر ترميمها وحمايتها من الدمار بعد التصوير الفوتوغرافى لها ورسم توثيقى لإظهار مظاهر التلف.

وأشار ريحان إلى أخطاء الترميم السابقة من رفع هذه الكباش على طبقة من الرديم الحديث المغطى بمونة من الأسمنت والطوب الأحمر وقطع صغيرة من الأحجار، الأمر الذى أثر سلبًا عليها وسمح بتسرب المياه الجوفية فيما بين الجزء السفلى لها والوصول إلى قاعدة الكبش ومصدرها من نهر النيل لقرب المعبد من نهر النيل، والتى أدت إلى تحويل بعض أجزاء منها إلى بودرة رملية، كما أدى ظهور بعض النباتات فى فواصل الأحجار للكباش وجذور النباتات إلى زيادة الضغط فى الفواصل مما ساهم فى زيادة الشروخ علاوة على نمو للبكتيريا فى الأماكن الرطبة بالحجر وظهور بعض التعفنات، ومن أخطاء الترميم القديم وضع مونة أضرت بالتماثيل مكونة من الأسمنت الأسود المحفز للأملاح، علاوة على أن صلابته أشد من صلابة الحجر نفسه، مما أدى لانفصال وتدهور القشرة الملامسة للأسمنت الأسود.

أما عن مجهودات مرممى المجلس الأعلى للآثار، فقد قاموا بمعالجة لكل هذه الأمور بوضع هذه التماثيل على مخدات أعلى قواعد حجرية متجاورة كل على حدة، كما تم عمل معالجة أرضية هذه القواعد وحمايتها من المياه الجوفية تم التنظيف الميكانيكى لكل كبش لإزالة الأتربة وتقوية الأجزاء الضعيفة منها باستعمال المواد المخصصة لها والمتعارف عليها عالميًا، أمّا الأجزاء الكبيرة فتم استعمال الاستانلس المقاوم للصدأ لتجميعها، وبعد الانتهاء من أعمال الترميم، تم وضع تلك الكباش على مصاطب كبرى تتحمل ثقل كل كبش والذى یتراوح وزنه بين 5 و7 أطنان.

واعتمدت فكرة الترميم على محورين: الأول نقل الكباش من مكانها وحفر خندق بعرض 2 متر تقريبًا وعمق متر ونصف المتر وردم أرضية هذا الخندق بالزلط والرمال الحديثة لمنع المياه الجوفية من التأثير السلبى على التماثيل لأنها منحوتة من الحجر الرملى، والذى يتأثر بسرعة بالماء والرطوبة الموجودة فى التربة مع عمل قاعدة خرسانية حديثة لوضع التماثيل عليها بعد انتهاء أعمال الترميم والصيانة، وكل هذه الأعمال تمت بواسطة فريق متخصص من الآثاريين والمصورين والمرممين والفنيين التابعين لوزارة السياحة والآثار وتحت إشراف الوزارة مباشرة وبالتنسيق مع منطقة آثار الكرنك.

كما أشارت الدراسة إلى الجهود المبذولة من جانب المسؤولين للمحافظة على هوية الأقصر البصرية، وذلك من خلال إنشاء جدارية بطول 25 مترًا وارتفاع 6 أمتار ووضع شعار الهوية البصرية الخاصة بالأقصر باللغتين العربية والإنجليزية، وتطعيم الجدارية بالأحجار وعمل أحواض زهور أسفلها وإضاءتها بإضاءات حديثة غير مباشرة، وعمل جداريات من الفنون الجميلة تعتمد فكرتها على الدمج بين الخط العربى وصور الرجل والمرأة المصرية من مصر القديمة ومن صعيد مصر مع توظيف المناظر الطبيعية الخلابة ورموزها الجميلة كالنخيل والمراكب الشراعية، بالإضافة إلى عمل جداريات البوليستر والتى تقوم بشكل أساسى على مشاهد من حياة المصرى القديم فى الحضارة المصرية القديمة، وهى مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلًا وإنشاء وفتح طرق حول طريق الكباش ابتداءً من كوبرى الكباش وصولًا إلى معبد الكرنك وإعادة تأهيل الجزيرة الوسطى بطريق المطار وجانبى الطريق بطول 7 كم بداية من بوابة المطار وصولًا إلى كوبرى المطار وعمل بردورات حدائق بطول الطريق، حيث نجحت المحافظة فى إنشاء أربع حدائق جديدة حول معبد الكرنك وتزيين الطريق الدائرى الواصل بين طريق المطار إلى معبد الكرنك على طريق الكباش بمسطح حوالى 2000 متر، وأعمال تطوير كورنيش النيل من قاعة المؤتمرات الدولية حتى نهاية معبد الكرنك على النيل، وتشمل ترميم الأعمدة المصنوعة من الحجر الصناعى.

إننا أمام حدث كبير يستحق أن نفخر به جميعا.