مما لاشك فيه أن التعليم يمثل ركيزة أساسية للنهضة والتقدم ولقد تغير جوهر الصراع في العالم الآن حيث أصبح سباق ف

مصر,الأولى,العالم,التعليم,الثانوية العامة,التنمية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزي جبر يكتب: التعليم أمن قومى

حسام فوزي جبر يكتب: التعليم أمن قومى

مما لاشك فيه أن التعليم يمثل ركيزة أساسية للنهضة والتقدم، ولقد تغير جوهر الصراع في العالم الآن حيث أصبح سباق في التعليم وإن أخذ هذا الصراع أشكالًا سياسية أو اقتصادية أو حتي عسكرية. يبقي الجوهر هو صراع تعليمي لأن الدول تتقدم في النهاية عن طريق التعليم وكل الدول التي تقدمت وأحدثت طفرات هائلة في النمو الاقتصادي والقوة العسكرية أو السياسية نجحت في هذا التقدم من باب التعليم، فالتعليم واحدًا من أهم مرتكزات التنمية الشاملة والمستدامة ولذلك تحرص الحكومات علي اختلاف توجهاتها ‏السياسية وانتماءاتها الأيديولوجية في كافة الدول على تخصيص قدر ليس بالقليل من ميزانياتها لإنفاقه على ‏التعليم. وفي مصرنا الغالية يعد التعليم واحدة من أكثر القضايا المجتمعية المثيرة للجدل وذلك لانعكاساتها الاجتماعية ولأن التعليم يمثل حجر الزاوية في برنامج التحديث والتطوير الذى تتبناه الدولة المصرية خلال الحقبة الزمنية الأخيرة بحكم ‏دوره المحوري في بناء الإنسان المصري وتطوير قدراته الذاتية وخبراته العلمية والعملية. ولذلك يحتل التعليم مرتبة ‏متقدمة في سلم أولويات الخطط التنموية للحكومة المصرية وعلى الرغم من التوجه الإيجابي العام‎ ‎للسياسات ‏التعليمية خلال العقد الماضي والجهود التي بُذلت في سبيل تنفيذ هذه‎ ‎السياسات على أرض الواقع والآثار الإيجابية التي تحققت فإن النتائج قد جاءت دون ‏المستوى‎ ‎المأمول بقدر كبير وإن لم تخالف توقعات الكثيرين ذلك أنه باستثناء ‏الاقتراب من‎ ‎تحقيق هدف الاستيعاب الكامل للأطفال في مرحلة الإلزام فإن ‏أهداف السياسة العامة‎ ‎للتعليم والمتعلقة بضمان الاستمرار في التعليم حتى ‏نهاية مرحلة التعليم الأساسي‎ ‎وإكساب المهارات الأساسية المفترضة في ‏مرحلة الإلزام والمرحلة الثانوية التالية لها‎ ‎لم يتحقق بعد. والتعليم في أوسع معانيه هو أي فعل أو خبرة لها تأثير على تكوين العقل والشخصية أو حتي القدرة البدنية للفرد والتعليم وهو العملية التي يتم من خلالها تراكم المعارف والقيم والمهارات من جيل إلى آخر في المجتمع عن طريق المؤسسات، حيث يختلف مفهوم التعليم عن مفهوم التعلم فالتعلم هو تغيير شبه دائم في سلوك الفرد نتيجة الخبرة والممارسة أما إذا اضفنا لهذا المفهوم عناصر تحديد السلوك الذي يجب تعلمه وتحديد الشروط التي يتم فيها هذا التعلم وتهيئة الظروف لذلك والتحكم في الظروف التي تؤثر في سلوك التعلم بحيث يصبح هذا السلوك تحت سيطرتنا من أجل تحسينه كمًا وكيفًا فإن إضافة هذين العنصرين تجعل موضوعنا هو التعليم وأما التدريس فهو الجانب التطبيقي التكنولوجي للتعلم والتعليم. والجميع يعلم ويعي أن التعليم هو بمثابة جهاز المناعة لأية أمة والتعليم الضعيف كجهاز المناعة الضعيف الذى لا يستطيع مقاومة الفيروسات التي تهاجم جسده فيقع فريسة لهذه الفيروسات التي تتكالب عليه من كل حدب وصوب حتى يسقط صريعًا وهكذا جسد الأمة إذا ضعف تعليمه ضعفت مناعته وأصبح عرضه لفيروسات الغزو الثقافي والفكري وسقط في براثن تيارات الانحلال والتفكك، بل وأهمية التعليم لا يمكن تجاهلها من قبل أي دولة وفي العالم الحديث أصبح التعليم ضرورة قصوى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة ولا يخفى على أحد في عصرنا هذا أهمية التعليم والتعلّم وخاصة بالنسبة للدول النامية حيث يعتبر الجهل والتنمية والهوية أبرز المشكلات بالنسبة لتلك الدول لهذا يمثل التعليم محورًا أساسيًا للنهوض بهم والعودة بهم علي الطريق الصحيح. والإسلام منح أهمية كبيرة للتعلم ففي معركة بدر التي أنتصر فيها المسلمين وقاموا بأسر عدد من الكفار وكان بعضهم يجيد القراءة والكتابة، فعرض الرسول الكريم على الأسرى لكى يتم اطلاق سراحهم إما أن يعلموا عشرة من المسلمين القراءة والكتابة أو أن يدفعوا الفدية وكانت هذه هي المدرسة الأولى في تاريخ الإسلام التي أنشأها الرسول بنفسه وتحت إشرافه. ولا أحد يُنكر أن التعليم في مصر طبيخ سيء المذاق والمسئولون اكتشفوا هذا في كل وقت وفى كل مرة يضيفون توابل جديدة بدلًا من بدء العملية من جديد والتغيير من الجذور فيزداد الطبيخ سوءً وميوعة ورغم صدور قوانين عديدة لإصلاح التعليم في مختلف العصور فلا التعليم أُصلح ولا القوانين توقفت بل وصُدرت إلينا التخبطات الوزارية التي شطرت الثانوية العامة إلى سنتين أو ألغت السنة الابتدائية السادسة ثم أعادتها وكل هذه الأمور ليست موضة جديدة أو إصدار جديد من ما يسمي بتطوير التعليم بل صفة تشريحية أصيلة وعادة من عادات التعليم القديمة. وما زال التعليم يحافظ على عادته القديمة بإصرار عجيب متمثلًا في التعديلات التي أُدخلت على النظام الثانوي ومن قبلها علي الصف الرابع الابتدائي أشكال وألوان كثيرة من الإصلاحات التي لم تمتد أبدًا إلي جوهر المشكلة فتعالجها من الأساس بل بالفعل قوانين وتشريعات وقرارات تصيب التعليم في مقتل، لنصل في النهاية بكل أسف دائمًا إلي شعور واحد وهو أن هناك من يديرون عملًا وليسوا هم الأكفأ لإدارته وهنا نشاهد هدرًا نحسبه متعمدًا أو حتي غير متعمدًا بسبب جهل الإدارة فقد لا يطلق عليه البعض فسادًا لعدم تربح المتسبب فيه منه ماديًا ولكنه فسادًا بينًا لوجود خسارة غير مقبولة وغير مبررة وهو درجة مرتفعة من درجات الفساد شئنا أم أبينا وأصبح من الضروري التعامل مع بديهيات اللحظات الراهنة بقدور من التعقل وأيضًا الانضباط وإبعاد كل من يضر بمستقبل التعليم في وطننا الغالي لأنه هو أهم وأنفع ثرواتنا القومية التي لا تُعوض بل هو أهم مصالحنا الجوهرية والمستقبلية. وقدم النبي محمد المصالح الجوهرية والمستقبلية علي المصالح الشكلية فمثلًا في صلح الحديبية رضى بالشروط المجحفة وذلك كله لم ينقص قدره ومكانته وكأنه يرسي قاعدة الضرورات أهم من الحاجيات والتحسينات وأن الدين مقدم علي النفس والنفس مُقدمة علي المال والمصلحة المتيقنة مقدمة علي المظنونة والمصلحة الكبيرة مقدمة علي المصلحة الصغيرة ومصلحة الدولة مقدمة علي مصالح الجماعات والأفراد ولا ضرر ولا ضرار فالضرر لا يزال بمثله أو بأكبر منه يرتكب أخف الضررين ودرء المفسدة مقدم علي جلب المصلحة والمفسدة الصغيرة تغتفر من أجل المصلحة الكبيرة، ولذلك فتجارب التعليم التي تفشل واحدة تلو الأخرى لابد فورًا أن تتوقف وعلي القائمين علي التعليم إعلاء مصلحة الوطن قبل التطلع لمجد شخصي سبقهم كثيرين لتحقيقه وفشلوا لأنهم كغيرهم ممن سبقوهم أكتفوا بإضافات دون تغييرات جذرية لابد أن يكون التغيير في التعليم جوهريًا بتغيير شامل للمحتوي والطريقة وأن يتناسب التعليم مع العصر الحديث دون الإخلال بالثوابت الأخلاقية والدينية، بإعداد خريطة مستقبلية واضحة المعالم يتحدد فيها المواصفات المطلوب توافرها في الخريج مع وضع الأدوار المنوط بها للجمعيات الأهلية والقطاع الحكومي والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية مع الحفاظ الجودة الشاملة في نظمنا ومؤسساتنا التعليمية وتطبيق المعايير العالمية في جميع عناصر المنظومة ووضع التعليم كقضية أمن قومي سواء كان ذلك في تدبير الموارد المادية أو البشرية.